يتأثر النمو الاجتماعي والعاطفي للأطفال بالعلاقات التي توفر لهم الأمان وتجمعهم مع والديهم والأشخاص الذين يعتنون بهم وغيرهم من البالغين المحيطين بهم منذ ولادتهم. وعلى الرغم من أن مهاراتهم الاجتماعية والعاطفية قد تتطور بطرق متعددة وبمعدلات مختلفة، إلا أن نمو مهاراتهم يعتمد على نوعية العلاقة مع الأشخاص المحيطين بهم وبالتالي فإن مفهوم التربية الإيجابية أمر أساسي لكل من يعتني بالأطفال من أجل تعزيز الرعاية الصحية بالطفل.

التربية الإيجابية هي علاقة اهتمام وتمكين، بعيدة عن العنف بين الآباء والأبناء وتوفر التوجيه للأطفال مع مراعاة احتياجاتهم الخاصة بشكل مستمر وغير مشروط. ويدرك الأهل الذين يعتنون بأبنائهم بشكل إيجابي بأنه من الصعب السيطرة على أطفالهم، وإنما يمكنهم التحكم بالبيئة والمؤثرات المحيطة بهم. ويمكن للوالدين التحكم ببعض المؤثرات مثل سلوكهم الشخصي وتفاعلهم مع الطفل والاستراتيجيات التي يتبعونها في رعاية أبنائهم لتعزيز نموهم بشكل صحي وإيجابي.

تبدأ قدرات الأطفال بالنمو ابتداءً من لحظة الولادة!

أثبتت الأبحاث أن للنمو الاجتماعي والعاطفي نتائج إيجابية مهمة، فالأطفال الذين ينشأون في بيئة إيجابية يصبحون أكثر ثقة بأنفسهم ويحققون النجاح في دراستهم. كما يصبح الأطفال أكثر مرونة من الناحية العاطفية وتتعزز مهاراتهم الاجتماعية وقدراتهم الذهنية مع تقدمهم بالعمر. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم التربية الإيجابية في حماية الطفل من المشاكل السلوكية التي تتطلب علاجاً، ولن تكون هذه النتائج مؤقتة خاصة إذا تبنى الآباء وسائل إيجابية لتربية أبنائهم خلال السنوات الأولى من حياتهم لأن هذه المرحلة من العمر بالغة الأهمية لإرساء أسس الشخصية القوية وتنميتها.

لا يتصرف الأطفال دائماً بشكل مناسب ولذلك، من الضروري اتباع بعض استراتيجيات التربية والسلوك الإيجابيين لتعليمهم آداب السلوك حتى يتمكنوا من التصرف بشكل مناسب وتصحيح تصرفاتهم الخاطئة. عليكم في البداية أن تدركوا خصوصية أطفالكم، أي ما يثير مشاعرهم وما يغضبهم وما يلفت انتباههم، وبذلك ستجدون الطريقة المناسبة لتربيتهم بشكل إيجابي. ومن المهم كذلك استخدام الألفاظ الإيجابية عند التحدث مع الأطفال وبدلاً من أن تمنعوا طفلكم عن القيام بأمر ما، حاولوا أن تشرحوا له السلوك المناسب الذي ترغبون بأن يتبعه. وانتبهوا إلى طريقة تعاملكم مع أطفالكم وحاولوا أن تكون إيجابية دائماً لأنها ستسهم في تغيير سلوك الطفل ورد فعله على ما تطلبونه منه. بالإضافة إلى ذلك، احرصوا على الثناء على أطفالكم والإطراء على سلوكهم الجيد حتى لا يتبع الطفل سلوكاً سيئاً بهدف جذب انتباهكم. ويجب أن تثنوا على أطفالكم أكثر بكثير مما تنتقدون تصرفاتهم. كما ينبغي أن تستغلوا جميع المناسبات لغرس مبادئ الثقة والاستقلالية في أطفالكم، ولذلك احرصوا على إفساح المجال لهم للقيام بالأشياء بمفردهم في بيئة آمنة بعيداً عن السلوك السيء قدر الإمكان. يمكنكم مثلاً وضع ألعابهم وتعليق ملابسهم على ارتفاع مناسب لهم بحيث يمكنهم الوصول إليها دون مساعدة منكم ومن ثم أثنوا عليهم عندما يتمكنون من إحضار الألعاب أو ارتداء ملابسهم بمفردهم.

للأهل أثرٌ كبيرٌ على حياة أطفالهم منذ البداية.

إن استراتيجيات التربية والسلوك الإيجابيين لا حصر لها ولكل طفل استراتيجية معينة تناسب احتياجاته وتفضيلاته. كما أن الاستراتيجيات المذكورة سابقاً ليست سوى بعض الاقتراحات لما يمكننا تسميته “التربية الإيجابية”. ومن المهم أن تعرفوا المزيد عن التربية الإيجابية وشخصية طفلكم، حيث سيسهم ذلك في تعزيز النمو العاطفي والاجتماعي للطفل مما يجعل منه شخصاً إيجابياً وناجحاً في المجتمع.

عرض المصادر
This site is registered on wpml.org as a development site. Switch to a production site key to remove this banner.